قوله عز وجل: {تباركَ الذي بيدِهِ المُلْكُ} فيه ثلاثة أوجه:أحدها: أن التبارُك تفاعُل من البركة، قاله ابن عباس. وهو أبلغ من المبارك لاختصاص اللَّه بالتبارك واشتراك المخلوقين في المبارك.الثاني: أي تبارك في الخلق بما جعل فيهم من البركة، قاله ابن عطاء.الثالث: معناه علا وارتفع، قاله يحيى بن سلام.وفي قوله {الذي بيده الملك} وجهان:أحدهما: ملك السموات والأرض في الدنيا والآخرة.الثاني: ملك النبوة التي أعزّ بها من اتبعه وأذل بها من خالفه، قاله محمد بن إسحاق.{وهو عَلى كُلِّ شَئ قَديرٌ} من إنعام وانتقام.{الذي خَلَقَ الموتَ والحياةَ} يعني الموت في الدنيا، والحياة في الآخرة.قال قتادة: كان رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يقول: «إن اللَّه أذل بني آدم بالموت، وجعل الدنيا دار حياة ثم دار موت، وجعل الآخرة دار جزاء ثم دار بقاء».الثاني: أنه خلق الموت والحياة جسمين، فخلق الموت في صورة كبش أملح، وخلق الحياة في صورة فرس أنثى بلقاء، وهذا مأثور حكاه الكلبي ومقاتل.{لِيَبْلُوكم أيُّكم أَحْسَنُ عَمَلاً} فيه خمسة تأويلات:أحدها: أيكم أتم عقلاً، قاله قتادة.الثاني: أيكم أزهد في الدنيا، قاله سفيان.الثالث: أيكم أورع عن محارم اللَّه وأسرع إلى طاعة اللَّه، وهذا قول مأثور. الرابع: أيكم للموت أكثر ذِكْراً وله أحسن استعداداً ومنه أشد خوفاً وحذراً، قاله السدي.الخامس: أيكم أعرف بعيوب نفسه.ويحتمل سادساً: أيكم أرضى بقضائه وأصبر على بلائه.{الذي خَلَقَ سَبْعَ سمواتٍ طِباقاً} فيه وجهان:أحدهما: أي متفق متشابه، مأخوذ من قولهم هذا مطابق لهذا أي شبيه له، قاله ابن بحر.الثاني: يعني بعضهن فوق بعض، قال الحسن: وسبع أرضين بعضهن فوق بعض، بين كل سماء وأرض خلق وأمر.{ما تَرَة في خَلْق الرحمنِ من تفاوُتٍ} فيه أربعة أوجه:أحدها: من اختلاَف، قاله قتادة، ومنه قول الشاعر:متفاوتات من الأعنة قطّباً *** حتى وفي عشية أثقالها.الثاني: من عيب، قاله السدي.الثالث: من تفرق، قاله ابن عباس.الرابع: لا يفوت بعضه بعضاً، قاله عطاء بن أبي مسلم.قال الشاعر:فلستُ بمُدْركٍ ما فاتَ مِنِّي *** بِلَهْفَ وَلاَ بِليْتَ ولا لَو أنِّي{فارْجِع البَصَرَ} قال قتادة: معناه فانظر إلى السماء.{هل تَرَى من فُطور} فيه أربعة أوجه:أحدها: من شقوق، قاله مجاهد والضحاك.الثاني: من خلل، قاله قتادة.الثالث: من خروق قاله السدي.الرابع: من وهن، قاله ابن عباس.{ثم ارْجع البَصَرَ كَرّتَيْنِ} أي انظر إلى السماء مرة بعد أخرى.ويحتمل أمره بالنظر مرتين وجهين:أحدهما: لأنه في الثانية أقوى نظراً وأحدّ بصراً.الثاني: لأنه يرى في الثانية من سير كواكبها واختلاف بروجها ما لا يراه من الأولى فيتحقق أنه لا فطور فيها.وتأول قوم بوجه ثالث: أنه عنى بالمرتين قلباً وبصراً.{ينْقَلِبْ إليك البَصَرُ خَاسئاً وهو حَسيرٌ} أي يرجع إليك البصر لأنه لا يرى فطوراً فيرتد.وفي {خاسئاً} أربعة أوجه:أحدها: ذليلاً، قاله ابن عباس.الثاني: منقطعاً، قاله السدي.الثالث: كليلاً، قاله يحيى بن سلام.الرابع: مبعداً، قاله الأخفش مأخوذ من خسأت الكلب إذا أبعدته.وفي {حسير} ثلاثة أوجه:أحدها: أنه النادم، ومنه قول الشاعر:ما أنا اليوم على شيء خلا *** يا ابنة القَيْنِ تَولّى بحَسيرْالثاني: أنه الكليل الذي قد ضعف عن إدراك مرآه، قاله ابن عباس ومنه قول الشاعر:مَنْ مدّ طرْفاً إلى ما فوق غايته *** ارتدَّ خَسْآنَ مِنه الطّرْفُ قد حَسِراوالثالث: أنه المنقطع من الإعياء، قاله السدي، ومنه قول الشاعر:والخيلُ شُعثٌ ما تزال جيادها *** حَسْرى تغادرُ بالطريق سخالها